فصل: الشاهد السادس والثمانون بعد الستمائة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)



.ثورة بكا والمعتقلين بالقلعة واستيلاؤهم عليها بدعوة السلطان الظاهر وعوده إلى كرسيه بمصر وانتظام أمره.

كان منطاش لما فصل إلى الشام بسلطانه وعساكره كما مر واستخلف على القاهرة دواداره سراي تمر وأنزله بالاصطبل وعلى القلعة بكا الأشرفي وكله بالمعتقلين هنالك فأخذوا أنفسهم بالحزم والشدة وبعد أيام نمي إليهم أن جماعة من مماليك السلطان مجتمعون للثورة وقد داخلوا مماليكهم فبيتوهم وقبضوا عليهم بعد جولة دافع فيها المماليك عن أنفسهم ثم قبضوا على من داخلهم من مماليكهم وكانوا جماعة كثيرة وحدثت لهم بذلك رتبة واشتداد في الحزم فنادوا بالوعيد لمن وجد عنده أحد من المماليك السلطان ونقلوا ابن أخت السلطان من بيت أمه إلى القلعة وحبسوه وأوعزوا بقتل الأمراء المعتقلين بالفيوم فقتلوا وعميت عليهم أنباء منطاش والعساكر وبعثوا من يقتص لهم الطريق ويسائل الركبان واعتزموا على قتل المسجونين بالقلعة ثم تلاوموا في ذلك ورجعوا إلى التضييق عليهم ومنع المترددين بأقواتهم فضاقت أحوالهم وضجروا وأهمتهم أنفسهم وفي خلال ذلك عثر بعضهم على منفذ إلى سرب تحت الأرض يقضي إلى حائط الاسطبل ففرحوا بذلك وتنسموا ريح الفرج ولما أظلتهم ليلة الأربعاء غرة صفر سنة اثنتين وتسعين مروا في ذلك السرب فوجدوا فيه آلة النقب فنقبوا الحائط وأفضوا إلى أعلى الاسطبل وتقدم بهم خاصكي من أكابر الخاصكية وهجموا على الحراس فثاروا إليهم فقتلوا بعضهم بالقيود من أرجلهم وهرب الباقون ونادوا شعبان بكا نائب القلعة يوهمون أنه انتقض ثم كسروا باب الاسطبل الأعلى والأسفل وأقضوا إلى منزل سراي تمر فأيقظه لغطهم وهلع من شأن بكا فأرمى نفسه من السور ناجيا ومر بالحاجب قطلوبقا ولحق بمدرسة حسن وقد كان منطاش أنزل بها ناشبة من التركمان لحماية الإسطبل وأجرى لهم الارزاق وجعلهم لنظر تنكر رأس نوبة ثم هجم أصحاب بكا على بيت سراي تمر فنهبوا ماله وقماشه وسلاحه وركبوا خيله واستولوا على الاسطبل وقرعوا الطبول ليلتهم وقاتلهم بكا من الغد وسرب الرجال إلى الطبلخانات فملكها ثم أزعجوه عنها وزحف سراي تمر وقطلوبغا الحاجب إلى الإسطبل لقتالهم وبرزوا إليهم فقاتلوهم واعتصموا بالمدرسة واستولى بكا على أمره وبعث إلى باب السر من المدرسة ليحرقه فاستأمن إليه التركمان الذين به فأنزلهم على الأمان وسرب أصحابه في البلد لنهب بيوت منطاش وأصحابه فعاثوا فيها وتسلل إليه مماليك السلطان المختفون بالقاهرة فبلغوا ألفا أو يزيدون ثم استأمن بكا من الغد فأمنه سودون النائب وجاء به الناصري أمير سلاح ودمرداش وكان عنده فحبسهما بكا ثم وقف سودون على مدرسة حسن والأرض تموج بعوالم النظارة فاستنزل منها سراي تمر وقطلوبغا الحاجب فنزلا على أمانه وهم العوالم بهما فحال دونهما وجاء بهما إلى بكا فحبسهما وركب سودون يوم الجمعة في القاهرة ونادى بالأمان والخطبة للسلطان فخطب له من يومه وأمر بكا بفتح السجون وإخراج من كان فيها في حبس منطاش وحكام تلك الدولة وهرب الوالي حسن بن الكوراني خوفا على نفسه لما كان شيعة لمنطاش على مماليك السلطان ثم عثر عليه بكا وحبسه مع سائر شيعة منطاش وأطلق جميع الأمراء الذين حبسهم بمصر ودمياط والفيوم ثم بعث الشريف عنان بن مقامس أمير بني حسن بمكة وكان محبوسا وخرج معهم فبعثه مع أخيه أيبقا على الهجن لاستكشاف خبر السلطان ووصل يوم الأحد بعدها كتاب السلطان مع ابن صاحب الدرك سيف بن محمد بن عيسى العائدي باعداد الميرة والعلوفة في منازل السلطان على العادة وقص خبر الواقعة وأن السلطان توجع إلى مصر وانتهى إلى الرملة ثم وصل أيبقا أخو بكا يوم الأربعاء ثامن صفر بمثل ذلك وتتابع الواصلون من عسكر السلطان ثم نزل بالصالحية وخرج السلطان لتلقية بالعكرشة ثم أصبح يوم الثلاثاء رابع صفر في ساحة القلعة وقلده الخليفة وعاد إلى سريره ثم بعث عن الأمراء الذين كان حبسهم منطاش بالاسكندرية وفيهم الناصري والجوباني وابن بيبقا وقرادمرداش وأبغا الجوهري وسودون باق وسودون الطرنطاي وقردمر المعلم في آخرين متعددين واستعتبوا للسلطان فأعتبهم وأعادهم إلى مراتبهم وولى انيال اليوسفي اتابكا والناصري أمير سلاح والجوباني رأس نوبة وسودون نائبا وبكادوادار وقرقماش استاذ دار وكمشيقا الخاصكي أمير مجلس وتطلميش أمير الماخورية وعلاء الدين كاتب سر الكرك كاتب سره بمصر وعمر سائر المراتب والوظائف وتوفي قرقماش فولى محمود أستاذ داره الأول ورعى له سوابق خدمته ومحنة العدوله في محبته وانتظم أمر دولته واستوثق ملكه وصرف نظره إلى الشام وتلافيه من مملكة العدو وفساده والله تعالى أعلم.